Tuesday, 29 March 2011

ذوات الإعاقة...العمل حق ضائع


تقرير:لنا حجازي
حق العمل،هو ليس مجرد حق وإنما هو حاجة ايضاً في كثير من الأحيان،والأمر هنا ليس متعلق بالجانب المادي فقط على الرغم من أهميته ،ولكنه متعلق بالجانب النفسي أيضاً.
فنحن بحاجة لأن نعمل وتكون لنا وظيفة حتى نشعر بأنّا منتجيين وأنّا قادريين على إحداث تغيير في المجتمع..
هذا الأمر ينطبق على كل فئات المجتمع بمن فيهم اصحاب الاحتياجات الخاصة،وبالتحديد أولئك الذين لا تقف إعاقتهم سداً في وجه أن تكون لهم وظيفتهم وعملهم الخاص بهم..
والأمثلة كثيرة في فلسطين والعالم ،بل إن النماذج الموجودة بلغت في إبداعها حد الخيال،فهناك اشخاص مبدعون اصيبوا بشلل رباعي ولكنهم يحركون العالم من حولهم عن طريق اللسان أو الشفتين،وهناك اشخاص مبتوري الأيدي يستخدمون أرجلهم في عمل كل ما يحتاجون،وهناك أشخاص مقعدون حصلوا على ميداليات رياضية عالمية...وهذا كله يصب في مجرى واحد وهو أن الإعاقة الجسدية أفضل بكثير من الإعاقة الروحية والنفسية التي يعاني منها الكثيرون في عالمنا...
في هذا السياق قمنا باعداد هذا التقرير حول حق العمل للسيدات ذوات الاحتياجات الخاصة،والسؤال المطروح هنا،هل وضع حق العمل في قطاع غزة بالنسبة لذوات الاحتياجات الخاصة مقبول؟!

لقاءنا الأول كان مع السيدة فاطمة الغصين،مديرة العلاقات العامة وبرنامج الحماية الانسانية في المركز الوطني للتأهيل المجتمعي.
تقول السيدة فاطمة :"فرص السيدات بالعمل إجمالاً أقل من فرص الرجال،فما بالك بالفتيات المعاقات
حتى لو كانت السيدة المعاقة ذات مؤهل علمي وذات كفاءة؟
بالاضافة إلى أن هناك معايير ليس لها علاقة بالكفاءة وهي معايير غير مذكورة وهي تتعلق بالنظرة للمرأة على أنها أثنى وليس على أنها إنسانة."
وتؤكد الغصين أن نسبة 5% والتي ينص عليها القانون كنسبة لتمثيل المعاقين في سوق العمل غير منفذة في أي من المؤسسات الحكومية أو الأهلية،ولا حتى مؤسسات تأهيل المعاقين نفسها.
وعن أسباب حرم المعاقات حقهم في العمل ،تقول الغصين أن هناك مشكلة في ثقافة المؤسسات ووعيها بحقوق المعاقات،بالاضافة إلى أن المؤسسات نفسها غير مؤهلة لاستقبال المعاقين،حيث تقع المؤسسة مثلاً على الطابق الثالث بدون وجود مصعد،مما يجعل وصول المعاقين للمؤسسة صعباً وغير ذلك من الأمثلة،وذلك بالرغم من وجود تحسين للمرافق لجعلها ملائمة لاستخدام المعاقين ولكن هذا التحسين لا يساوي نقطة في بحر،فمشكلة المرافق تمتد من منزل أسرة المعاقة،مروراً بأماكن التعليم والعلاج والترفيه وصولاً إلى مكان العمل.
وتلفت الغصين النظر إلى أن الأدوات الخاصة بالمعاقين سريعاً ما تتلف بسبب المشاكل الخاصة بالبنية التحتية في قطاع غزة حيث أن أغلب الشوارع في وضع يرثى له،مما يسبب إحباط وعبء مادي على المعاق،وعلى أسرته، وتضيف أن هناك تراجع ملحوظ في حجم المساعدات المقدمة للمعاقين في قطاع غزة على كافة الأصعدة.
داعية كافة المؤسسات إلى أخذ احتياجات المعاقين بعين الاعتبار عند وضع الخطط السنوية لهذه المؤسسات،لأن شريحة المعاقين شريحة كبيرة ومن المخزي أن لا يكون لهم دور فعال في المجتمع.

أما سوسن الخليلي،امين سر الاتحاد العام للمعاقين ونائب رئيس نادي السلام للمعاقين،والتي
تعاني من إعاقة قصر القامة بالاضافة إلى إعاقة حركية.
والتي شاركت بالعديد من البطولات الرياضية وحصلت على المركز الأول في تنس الطاولة عام 2009 وعلى المركز الأول في رمي القرص ودفع الجُلة عام 2010،كما وحصلت على جائزة فلسطين للتميز والابداع عن فئة المعاقيين للعام 2010،وهي عضو البرلمان الفلسطيني عن الاشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة.
تقول سوسن "بالنسبة لموضوع حق المعاقات بالعمل،أقول أن الوضع العام صعب على أبناء شعبنا من كلا الجنسين وفي كل الحالات،والمعاقون جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني وهم يعانون ما يعاني مجتمعنا من حصار وإغلاقات وظروف سياسية صعبة".
أما بالنسبة لقانون المعاق رقم 4 لعام 1999 والذي ينص على عمل المعاقين في المؤسسات الحكومية و الغير حكومية بنسبة 5%،فترى سوسن أنه قانون غير منفذ ويعاني من الإهمال،واصبح الآن أصعب فأصعب خاصة بعد الانقسام حيث أصبح كل حزب يسعى إلى توظيف أنصاره وينسى المعاقين.
وتضيف:"وعلى الرغم من أن العديد من المعاقات عانين صعوبات في إكمال تعليمهن والوصول إلى الدرجة الجامعية ،وتجرعهن مرارة تجريح الناس لهن والتعليقات التي يطلقها الأطفال في الشوارع ،إلا أنهن مازلن فريسة للبطالة والإهمال".
أما بالنسبة للمرافق العامة تقول سوسن:"أنها تفتقر إلى الحد الأدنى من متطلبات المعاقين،بالاضافة إلى عدم وجود مكان تثقيفي تدريبي ترفيهي يجمعهم ويوفر لهم فرصة لتنمية أنفسهم".
وبالنسبة للمساعدات التي تقدم من قبل الحكومة ،ترى سوسن أنها قليلة جداً ولا تكفي لسد الرمق حيث تُقدم مساعدة بقيمة 1000 شيكل للمعاق كل أربعة أشهر،وإذا كان أحد أفراد العائلة موظف يحرم المعاق من الحصول على هذه المساعدة.
وناشدت سوسن الجهات المعنية بوضع قرارات لإنهاء الانقسام الذي ساهم بشكل كبير في زيادة عدد المعاقين،مثلما يساهم الاحتلال بشكل كبير في ذلك.

ومن النماذج المشرفة أيضاً للمعاقات،في مجال العمل نجد مجدولين أحمد التي استطاعت أن تنهي دراستها الجامعية في مجال التأهيل،وهي على وشك أن تنهي دبلوم في علاج مشاكل الكلام والنطق.
فمجدولين هي معدة ومقدمة برامج في إذاعة فرسان الإرادة،و تتنقل بواسطة كرسي متحرك.
وتنتقد مجدولين عدم تطبيق نسبة 5% لتوظيف المعاقين،حيث تهمل اغلب المؤسسات هذا القانون.
وتقول مجدولين :"العمل لأي إنسان مهم جداً،وللانسان صاحب الاعاقة العمل بمثابة الأمل له"
كما تثني على نظرة المجتمع لعمل المعاق ،قائلة:"هناك نظرة إيجابية من المجتمع لعمل المعاق،لكن المشكلة هي في نظرة أرباب العمل،حيث يفضلون الأشخاص الأصحاء جسدياً على الاشخاص أصحاب الاعاقة،ولو وظفوا أحد المعاقين فهم يستغلونه مادياً من خلال تقديم أجور متدنية،وعلى الرغم من ذلك فهناك العديد من النماذج الناجحة للمعاقين في سوق العمل،ولي صديقات استطعن أن يثبتن أن الإعاقة لا تقف حائلاً دون النجاح في العمل".

أما صباح الفران وهي مقعدة لم تسعفها الظروف لإكمال تعليمها فتشتكي من غياب الرحمة عن قلوب الناس ،ونظرتهم السلبية التي قد تحمل الشفقة ولكنهم لا يسعون لمساعدة هذا الشخص المعاق لجعل حياته أفضل.
كما اشتكت من أن المبلغ الذي يدفع كل أربعة أشهر لبعض المعاقين هو مبلغ غير كافي لتوفير حياة كريمة للمعاق.

هناك الكثير من المشاكل التي تقف في وجه تحقيق العدالة لصاحبات الإعاقة في سوق العمل،إنطلاقاً من الوضع العام وارتفاع نسب البطالة ،مروراً بعدم تطبيق قانون العمل الخاص بالمعاقين وصولاً لنقص الإمكانيات وعدم ملاءمة المرافق.
هذا الموضوع بحاجة إلى البحث والتمحيص ومحاسبة المسؤولين عن التقصير،وبحاجة إلى جهد أكبر من صاحبات الاعاقة انفسهن للدفاع عن حقهن المسلوب وإبقاء قضيتهن على قيد الحياة.

No comments:

Post a Comment