Sunday, 3 April 2011
بعض الصحافة كبيع الخضار!
لنا حجازي/PNN/غزة/خاص- حين تكون مالك لمحل لبيع الخضراوات،يصح لك ان تطلب من ابنك او صديقك ومن أي أحد،أن يقف مكانك في المحل ويبيع، ولكن في النهاية يبقى المحل باسمك...
هكذا يتعامل بعض من يطلق عليهم لقب "صحافيين"في مدينة غزة مع مهنة الصحافة، حيث يطلبون من أشخاص آخرين أن يكتبوا لهم تقاريرهم وتحقيقاتهم وأخبارهم، وفي النهاية يضعون اسماءهم على هذه الأعمال الصحفية.
والغريب بالأمر أن بعض هؤلاء هم اشخاص لهم اسماء معروفة في عالم الصحافة ..وممن يغضبون لها اذا انتهكت حقوقها..أفلا يُعتبر ما يقومون به من أفضع الأنتهاكات للصحافة ومصداقيتها؟
والأغرب من ذلك..أولئك الأشخاص الذين يرتضون لأنفسهم أن يضيع جهدهم سدى،مع العلم أن بعضاً منهم لا يتقاضون أجراً على ذلك،وإنما هم صحافيون ناشئون،يقومون بهذ العمل تحت عنوان "التدريب"..!
الصحافة لا تسمح لي بنشر اسماء هؤلاء الأشخاص، ولكن يبقى الأمل أن يقرؤا هذا التقرير، فإن لم يشعروا بالخجل، علهم يتحسسون مقاعدهم،ويخشون على فقدان وظائفهم..
أحمد هو أحد الصحافيين الناشئين الذين خاضوا تجربة العمل تحت سلطان "قراصنة الصحافة" كما يحلو له وصفهم...
يقول أحمد:"حين ذهبت للتدريب عند هذا القرصان كنت اعلم انه يأخذ التقارير ممن يتدربون في مكتبه ويضع اسمه عليها واحياناً يغير بعض الشيء من صياغتها..ولكني كنت بين خياريين احلاهما مر ،وهما إما أن ابقى في المنزل وإما أن ابحث عن التدريب في مكان ما إلى حين أن تصح لي فرصة عمل،مع العلم أني تدربت في أماكن أخرى قبل ذلك.."
ويضيف احمد:"حالة اليأس من الواقع الموجود وقلة الفرص بالاضافة الى اعتماد التوظيف على الواسطة والمحسوبية هو ما دفع بي إلى أتون هذا الرجل،ولكني حين بدأت بالعمل عنده تحت اسم التدريب وأخذت أرى عملي يسرق مني أمام عيني شعرت بغضب وحزن شديدين..وندمت على مجيئي إليه".
وفي وصف ليوم عمل في مكتب هذا القرصان يقول أحمد:"حين اذهب الى مكتبه نختار المواضيع التي سأكتب عنها،ثم يذهب هو لقضاء بعض مصالحه الشخصية،ثم يعود ليرى ماذا انجزت،فيأخذ الموضوع ويضع اسمه عليه،وفي بعض الأحيان يجري بعض العديلات،ثم ينشره.."
أحمد ليس وحده في هذا المضمار فهناك العديد من الشبان الآخريين الذين يقومون بنفس هذه الأعمال..منهم محمد الذي تخرج هذ العام من الجامعة وخاض نفس التجربة..
ويؤكد محمد أن الأمر لا يقف عند مجرد القرصنة و إنما يتعداه إلى امور أخرى،فمثلاً احد القراصنة يتعامل مع احد المزوريين،حيث يرسل القرصان الموضوع الصحفي إلى المزور الذي يغير ملامح الموضوع تماماً ويصدر عنه عدة نسخ مزورة تختلف كل واحدة منها عن الأخرى ويعيدها إلى القرصان الذي يرسل هذه المواضيع إلى عدد من الصحف والمجلات والمواقع الالكترونية..
ويتحدث محمد بسخرية عن هذا ،قائلاً:"في الجامعة كنا نتعلم أن الصحافة مصداقية ودقة ونزاهة...ولكن الذي أراه اليوم على أرض الواقع هوغير ذلك..كانوا يطلبون منا أن نثبت انفسنا حتى نجد لنا مكاناً في عالم الصحافة..لكني لم أكن أعلم أن معنى أن تثبت نفسك هو أن تسرق وتخدع وتزور."
ويؤكد محمد أنه طلب وضع اسمه على مواضيعه،لكن رد القرصان كان:"إلعب بالمقصص،لحد ما يجيك الطيار"،وعندما يأتي الطيار لمحمد-وذلك إن أتى- يكون القرصان وجد له ضحية جديدة،وهكذا دواليك..
والحقيقة أن الأمر لا يخلو من وقوع القراصنة في مشاكل في بعض الأحيان،فمثلاً قام أحد "المتدربين" بكتابة موضوع كان يلزمه مقابلة مع أحد السياسيين،فقام بأخذ المقابلة من زميل له يعمل في مؤسسة أخرى، أجرى مقابلة حول نفس الموضوع.
وبعد أن أخذ القرصان الغنيمة من "المتدرب"وضع اسمه على الموضوع،فما كان من السياسي إلا أن انكر أن يكون هذا الشخص أجرى معه هذه المقابلة..!
أحمد ومحمد يبديان ندمهما على دخول هذه التجربة..ويؤكدان أنها أفسدت عليهما الكثير وقتلت فيهما براءة الصحافة ... هذا بالنسبة لهما..ومثلهم آخريين..
أما بالنسبة للقرصان فمازال ينعم بالغنائم مثلما كان العجوز البخيل "فاغن" ينعم بالغنائم التي يأتي بها إليه صبيته..في قصة"اوليفر توست".
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment