Sunday, 3 April 2011
التحرش الجنسي..نار تحت الرماد
لنا حجازي
غزة-هدف-التحرش الجنسي بالمرأة في العمل ،أمرٌ ليس منقرضاً في مجتمعنا كما قد يظن البعض...
فهو موجود...ولست أبالغ إن قلت أنه يحدث يومياً في مؤسساتنا..ولكن الذي يصلنا عنه قليل.
فالمرأة ضحية التحرش الجنسي غالباً ما تتجنب الإفصاح عما يحدث معها إما نتيجة خوف أو خجل أو جهل.
فالعديد من النساء اللاتي يتعرضن لمثل هذه الحوادث يقعن فريسة الخوف من فقد الوظيفة أو من ظلم المجتمع،بينما مازالت أخريات على خجل من أن يتحدثن في أمور مشابهة نتيجة لطريقة التربية التي نشأن عليها.
أما النوع الثالث وهو الأسوأ بين النساء،أولئك اللاتي يتعرضن للتحرش الجنسي ولا يعلمن ذلك،خاصة عندما يكون التحرش لفظياً.
ولو عدنا للحديث عن أسباب هذا التصرف من جانب المعتدي نجد أنه غالباً ما يفعل ذلك،لشعوره أن منصبه وعلاقاته ستحميه،خاصة إذا كان فرداً ضمن شبكه من الفاسدين أمثاله.
كثيراً ما يستغل المتحرش حاجة المرأة للوظيفة،خاصة اذا علم أنها لا تستطيع التخلي عن وظيفتها.
من هنا تبدأ التحرشات بالعديد من النساء،حيث تظهر في مقابلات العمل...حيث يدعي المتحرش أنه يسأل المرأة عن أشياء معينه لمعرفة قدرتها على تحمل الضغط والصبر خلال العمل..!
فيسألها مثلاً:"إن طلب منك مديرك أو الزبون قبلة ،فماذا تفعلين؟"،وبعد السؤال يبدأ المتحرش بتحليل شخصية المرأة،هل ارتبكت بعد السؤال؟،أم كان رفضها لهذا التصرف واضحاً وقوياً ،بعدها يختار الضحية التي تناسبه "للعمل معه".
بالاضافة إلى أن النساء اللاتي يبدأن بوظيفة جديدة يكن أيضاً معرضات بشكل كبير للوقوع بهذه المشكلة،حيث يستغل عدد من ضعاف النفوس عدم خبرة المرأة المتوظفة حديثاً،ويحاولون أن يقوموا بتحجيمها وإشعارها أن قدراتها وحدها لا تؤهلها لأن تبقى في وظيفتها،وأن عليها تقبل تحرشاتهم بها حتى يساعدوها في أن تكون قوية في عملها..!
وهنا تقع المرأة في حيرة من أمرها فإما أن تتقدم بشكوى ضد من قاموا بالاساءة إليها،أو أن عليها أن تصمت "خوفاً من الفضيحة"..أو من فقدان عملها.
ومصطلح "خوفاً من الفضيحة"هنا،هو مصطلح يصف ما يحدث مع بعض النساء اللواتي يفصحن عما حدث معهن،حيث تنقلب المرأة فجأة من ضحية إلى مجرمة،ويتم التشهير بها بشكل أو بآخر.
حيث ترفض العديد من مجتمعاتنا تصريح المرأة بمثل هذه الأشياء،حتى لو كان السكوت يعني أن تستمر عملية التحرش بها،والتي يمكن أن تتطور إلى اغتصاب في لحظة من اللحظات.
على الجانب الآخر،ما الذي يحدث داخل العمل،بعد تصريح المرأة بأنها تعرضت للتحرش؟
الكثير من أماكن العمل ترفض أن تصدق المرأة،وتطلب منها أن تغلق فمها حتى لا تسيء إلى سمعة المكان..!
واقصى إجراء يمكن أن تتخذه هو نقل المرأة من فرع إلى آخر أو من مكتب إلى آخر.
وهذا ما حدث مع إحدى موظفات مؤسسة كبيرة في غزة،بعد أن تقدمت هذه السيدة بالشكوى ضد مديرها الذي اراد أن يمسك بيدها دون رغبة منها،بعد سلسلة طويلة من تحرشه لفظياً بها.
كانت ردة فعل الادارة العليا أن طلبت منها أن تأخذ إجازة لمدة شهر من دون راتب،وحين عادت إلى العمل ،اُتهمت بالتبلي على الرجل"المسكين"بالرغم من وجود شاهد بالقضية،كما تم نقلها إلى مرتبة أدنى من التي كانت عليها،وطلب منها أن لا تتحدث عن الموضوع أبداً ،وإلا لن ترى خيراً بعد ذلك.
السيدة صاحبة الحالة السابقة،وجدت دعماً من زوجها،وهو الذي شجعها على أن تتقدم بالشكوى،في حين أن الكثيرات غيرها،لم يتمكن من اطلاع أزواجهن واسرهن على ما يحدث معهن،خشية من أن يتحول الظلم إلى ظلمين...ظلم في العمل وظلم داخل المنزل.
أما عن أشكال التحرش فهي كثيرة،وهي تنطلق من نوعين اساسيين(لفظي وجسدي).
ويتجسد هذان النوعان بأشكال عدة،سواء أكانت بالنظرات أو بالألفاظ الخادشة للحياءأو باللمس.
أما عن الأمثلة في مجتمعنا،فقد وجدت حالات تحرش جنسي واضحة في بعض أماكن العمل،وكانت الموظفات يجرأن على الشكوى فيما بينهن،لكنهن لم يملكن الشجاعة أبداً للتحدث لأمام الجميع،مطالبات بحقهن بالقصاص.
فهذا المدير لا ينفك يشتم بألفاظ بذيئة تخدش الحياء، وآخر حين تأتي الموظفة إلى مكتبه لعمل ما،يقوم بإغلاق باب مكتبه دون أي حاجة لذلك ويبدأ بمحاصرتها بنظراته،وآخر يربت على أكتاف الموظفات،وآخر يستمع إلى نكات جنسية أمامهن.
كل هذه الأنواع موجودة في مجتمعنا،ومازالت تشكل إزعاجاً يومياً للنساء في أماكن عملهن،فمتى تتحرر النساء من قيود الخجل والخوف؟،ومتى يقف المجتمع والقانون بجانبهن ليحميهن من هذا الظلم؟.
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment