Monday, 20 February 2012

رجولة على المحك


بقلم: لنا حجازي

في يوم من الأيام كنت في المنزل مع عائلتي،وإذ بنا نسمع أصوات صراخ بالخارج....
توجهنا جميعاً إلى شرفة المنزل لمعرفة ما الذي يحصل..
كان جارنا أبوصالح وأولاده في شجار مع عدد من الأشخاص من بينهم نساء،ولم يتوانَ هو أو أولاده عن ضرب هؤلاء النساء.
لم نفهم القصة،ولم نستوعب ما الذي يحدث..!
انفض الشجار وعلمنا فيما بعد أنه كان بسبب خلاف على ميراث الأرض...
الأرض كانت واسعة وذات حدود مترامية،وهي في منطقة تعد من الأحياء الراقية في القطاع.
كنا كل يوم نرى"أبو صالح" وأولاده يزرعون الأرض ويهتمون بها، وكنا نرى فيه مثال المزارع الكاد،ولم يخطر ببالنا أن هذه الأرض ليست كلها من حقه،وأن رزقه الذي يأتيه منها،ليس كله حلال...

كان هذا أول موقف أراه بعيني،وكنت حينها في سن لم يتجاوز الرابعة عشر.
واليوم وبعد كل هذه السنوات التي تفرق بيني وبين ذلك الحدث،مرت على سمعي وبصري العديد من القصص التي يندى لها الجبين،والأمر فيها يعود إلى الميراث والخلاف عليه...
ولمَ الخلاف؟وقد قسم الله الميراث،وعَلِمَ كلٌ ما له وما عليه؟
الإجابة تكمن في كلمة واحدة هي"الجشع"،وعندما يسيطر الجشع،يبدأ قانون الغاب بالظهور،وتتحطم كل القيم وتتبدل الأوجه.
في الحقيقة هذه المقالة عبارة عن رسالة"لأشباه الرجال"...
وأشباه الرجال هنا،اولئك الذين يدعون المرؤة و الشهامة طوال حياتهم،ويجدون في أنفسهم السلطة للتحكم بأخواتهم مدعين أن هذا شرع الله،وأنهم يتصرفون إنطلاقاً من خوفهم على مصلحة أخواتهم،لكنهم عندمايأتي الأمر لإقتسام الإرث مع هؤلاء الأخوات، تتبدل وجوههم،ويصبح كل همهم كيف يأخذوا كل الإرث،بما في ذلك نصيب أخواتهم،سواءً أكان ذلك طوعاً أو كرهاً.
"أؤلئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة،فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون"*
صدق الله العظيم،هذه الآية تصف حالهم ومن هم،فقد أعمتهم الأموال،ونسوا أن هنالك حساب وعقاب،ونسوا أن "القناعة كنز لا يفنى"،وتذكروا فقط-حسب اعتقادهم- أنهم أولى من أي شخص آخر بهذا المال .
ومن ضمن الحوار الذي يدور بداخل هؤلاء الأشخاص مع أنفسهم:"لماذا تأخذ أختي هذا المال حتى يسعد زوجها وأولاده بها،إنها أموالنا وتعب أبي"،وبالطبع ينسى" شبيه الرجال هذا "،أنه أيضاً سيأخذ الأموال لتسعد بها زوجته وأولادها،وأن هذا تعب أبو أخته ايضاً".
الله تعالى له حكم عظيمة في ذكر تقسيم الإرث،ومن ضمن هذه الحكم أن المال يجب أن يتوزع ويدور بين الأيدي،وأن لا يبقى بيد أسرة بعينها،ولكن للأسف فقد بنت العديد من الأسر الكبيرة جاهها وسلطانها على جماجم النساء،وأخذ حقوقهن وحرمانهن من الزواج أو إجبارهن على الزواج من بنى عمومتهن حتى يبقى المال في العائلة،ولا تفقد العائلة سطوتها المادية في المجتمع.
ونحن لسنا بعيدين عن الحدث الذي هز غزة منذ عدة أشهر،حين اكتشفت قصة السيدة التي حبسها أخوها لعشرين عاماَ،وطلّقها من خطيبها،حتى يستأثر بإرثها.
ومازلنا لا نعلم ما يخبيه لنا الزمن من قصص مرعبة مازالت طي الجدران والأبواب.

*الآية 86 من سورة البقرة.
تم نشر هذا المقال في مجلة هدف

الاحتلال هو أسوأ كوابيس العنف ضد المرأة*


تقرير:لنا حجازي

الحرب هي أكثر الأشكال الصارخة للعنف،وهي تتغلب على كل شيء آخر في فظاعتها،والآثار السلبية التي تتركها على المجتمعات فيما بعد.
"بعيون النساء" هو تقرير من 68 صفحة من انتاج المركز الفلسطيني لحقوق الانسان 2009وهو يتحدث عن عدد من النساء اللاتي تأثرن بعملية الرصاص المصبوب التي نفذتها قوات الاحتلال الاسرائيلي ضد قطاع غزة في أوآخر عام 2008.
الأمر الذي لفت انتباهي لهذا التقرير وجعلني أكتب عنه هو أن العديد من نساء غزة مازلن يعشن مرحلة الحرب ولم يخرجن منها بعد،حيث مازالت صديقتي"سهاد" ترتجف وتصرخ حين تسمع أي صوت يشبه القصف،ومازالت "ميساء" غير سويه عقلياً بعد كل ما رأته في الحرب، وصديقتي"أميرة" مازالت تذكر الأوقات التي كانت تختبيء فيها باكية في الحمام من شدة خوفها.
تقرير المركز الفلسطيني يتناول 12 قصة لنساء مررن بظروف صعبة خلال الحرب وجميع القصص الواردة في التقرير هي قصص مؤلمة جداً.

ف"وفاء الرضيع"من سكان بيت لاهيا تعرضت لقصف مباشر من قبل طائرات الاستطلاع وهي حامل في شهرها التاسع مما كلفها بتر ساقها اليمنى،و قد ظن لأطباء أكثر من مرة أن وفاء قد فارقت الحياة بسبب جراحها العديدة،وقاموا بعملية ولادة قيصرية لها،وقد تمكنت وفاء من رؤية طفلها لأول مرة بعد شهرين من ولادته بسبب نقلها للعلاج في مصر.

على الطرف الآخر من مدينة غزة وتحديداً في منطقة الشعف فقدت"هالة الهباش" ابنتها شذا ذات العشرة أعوام بينما بترت ساقي ابنتها الأخرى.
لم تعد حياة هالة كما كانت ابداً واصبح يصعب عليها الشعور بالفرح،وتجد صعوبة في الصعود إلى سطح المنزل حيث قصفت طائرة استطلاع اطفالها الذين كانوا يلعبون على السطح بعد ان ضجروا من البقاء داخل المنزل طوال أيام الحرب.

لم يكن حظ "ريا وماجدة أبو حجاج"بأوفر من غيرهما،فقد فقد خرجت ماجدة برفقة أمها ريا و25 شخصاً آخرين من عائلة أبو حجاج بعد اشتداد سوء الوضع في منطقة جحر الديك،كانت ماجدة ترفع راية بيضاء،لكن ذلك لم يعني شيئاً لجنود الاحتلال الذين أطلقوا النار على المجموعة فسقطت كل من ريا وماجدة بعد اصابتهما،حاول أفراد العائلة الآخرين الوصول إلى الجثتين لكن ذلك لم يكن ممكناً،ولم يتوقف عدوان الاحتلال على هذين السيدتين حتى بعد موتهما،فقد تركت جثتيهما في المكان الذي قتلتا فيه،ولم يسمح الاحتلال لأحد باخذ الجثث لمدة 11 يوماً بالرغم من محاولة أفراد العائلة الآخرين التنسيق مع الصليب الأحمر لذلك،لكن دون جدوى.
وجدت جثة ماجدة وقد قسمت من النصف وسحق الجزء السفلي منها بسبب عمليات التجريف التي مرت من فوقها.

تحلم "انتصار حمودة"بالانجاب ثانية بعد أن فقدت الطفل الوحيد الذي استطاعت انجابه بعد أعوام طويلة من عدم الانجاب،حيث فقدت انتصار خلال الحرب ابنها "فارس" وابن زوجها"محمد" واصيبت باصابات خطيرة.
كان هذا هو الزواج الثاني لانتصار التي طُلقت من قبل بسبب عدم قدرتها على الانجاب،كانت تسعى لمدة 21 عاماً لانجاب طفل،،وكانت تربي أولاد زوجها على أنهم أولادها،لكن كل ذلك لم يشفع لها عند جنود الأحتلال حيث قتل ابنها فارس"عامان ونصف"بينما كانت تحمله.

لم تقوَ"ليلى العر" على الكلام لمدة شهر بعد الحرب حيث فقدت زوجها وثلاثة من أطفالها وجنينها بالاضافة إلى زوجة ابنها.
لقد رأت ليلى أطفالها وهم قتلى،وحاولت أن تنقذ جثثهم من التمزق أو التجريف،لكنها اضطرت أن تترك جثثهم وراءها،حين بدأ جنود الاحتلال بتجريف المنزل الذي كانت تحتمي به.

"وفاء عواجة"شاهدت ابنها "ابراهيم" ذو التسعة أعوام و زوجها "كمال" وهما مصابان على الأرض على بعد أمتار قليلة منها،ولم تستطع مساعدتهما،لقد قتل "ابراهيم"فقد كانت أصابته بالرأس،أما "كمال" فقد نجا فيما بعد..
كانت العائلة تخلد للنوم حين بدأ جيش الأحتلال بهدم الجدران المجاورة،وتمكنت العائلة بصعوبة من الفرار حيث سقطت جدران المنزل حولهم.

كانت صباح أبو حليمة تظن أنها أسعد أمرأة في العالم قبل عملية الرصاص المصبوب التي قلبت حياتها رأساً على عقب،فحتى حين وقت كتابة التقرير كانت صباح تخشى من النوم وتشعر بالفزع من المنزل.
فلقد فقدت ابنتها وابنائها وزوجها،حين هاجمت قوات الأحتلال منطقة العطاطرة غرب بيت لاهيا مستخدمة القذائف التقليدية وقذائف الفسفور الأبيض،حيث اصيب العديد من أفراد العائلة بحروق بالغة،و "صباح"رأت قذيفة الفسفور التي قطعت رأس زوجها على الفور،،وسمعت صوت أفراد عائلتها وهم يصرخون ألماً من الاحتراق بالفسفور ثم ينطقون الشهادة،واعتقدت صباح أنها إن لم تمت من النار فستموت من الدخان ،ولكنها نجت لتصارع آلآم فقدهم،وذكريات اللحظات الأخيرة.

قتلت 118إمرأة خلال عملية الرصاص المصبوب،واصيبت825 إمرأة أخرى بجراح،لكن الآثار النفسية التي تعاني منها النساء في قطاع غزة جراء الحجم الضخم من احداث العنف التي مرت عليهن لا يمكن حصره،فقد كانت أصوات القذائف وسماع الأخبار وحدهما كافيان لخلق الرعب في قلوب القوارير...
* الصور مأخوذة عن تقرير بعيون النساء للمركز الفلسطين لحقوق الانسان2009.
* نشر هذا التقرير في مجلة هدف

أربع قصص في فيلم*


بقلم :لنا حجازي

فيلم المحجوبة فيلم يتناول قضية حرمان النساء من ميراثهن،الفيلم من إخراج "إعتماد وشح"ويتناول قصة أربع نساء لكل منهن قصة مختلفة مع الميراث.
والقصص الأربعة قصص تتكرر في مجتمعنا الفلسطيني باسماء وشخصيات مختلفة ..

فالقصة الأولى هي قصة"زوجة الشهيد"والسيدة التي يعرض قصتها الفيلم هي سيدة في مقتبل العمر استشهد زوجها،وتركها واولادها يعانون من قسوة أهله،الذين انقلبت معاملتهم معها بعد استشهاده.
حيث سعت الأسرة إلى السيطرة على كل الاموال التي قد تحصل عليها زوجة ابنهم واطفالها،وفي أحد الأيام جاء أخو زوجها واصطحبها إلى مكان لم يحددها له ،ووجدت أنه أخذها إلى البنك حتى تقوم بعمل وكالة له باستلام الراتب الشهري الخاص بزوجها الشهيد،وفعلاً تم ما أراد،واصبحت تأخذ مصروفها ومصروف أولادها من أم زوجها التي كانت تعطيها 50 شيكل أسبوعياً،وإن طلبت أكثر كانت تواجه بالرفض والتعزير.
ووصل بأهل زوجها الأمر إلى منعها من الخروج،وحين أصرت على طلب حقها في مال زوجها،طردوها من المنزل مع أولادها،حيث اتجهت إلى منزل أهلها،وهناك ألغت توكيل البنك،مما تسبب لها بالعديد من المشكلات مع أهل الزوج،ولكنها استطاعت في النهاية أن تتحكم في مصدر رزقهاورزق أطفالها دون الحاجة إلى وصاية من أحد.

أما القصة الثانية التي يعرضها الفيلم فهي قصة لسيدة مطلقة،اوصى لها والدها بنصيبها من الأرث لكن إخوتها وأبناء عمها،لم يتركوها تأخذ حقها،وحرّموا عليها الوصول إلى أرضها وقاموا ببيعها.
حاولت الذهاب لمحامي وحين تحدثت له عن قضيتها،اخبرها أن أتعاب هذه القضية تصل إلى عشرة آلآف دينار،وهو مبلغ ليس بقليل وغير متوفر معها،فاضطرت أن تسلّم بالأمر الواقع.
هذه السيدة تعاني من الفقر وأولاها لا يتواصلون معها بعد طلاقها..وهي تقول:"لا أحتمل أن أرى أناس آخرين في أرضي،والخير فيها...لذا أغيّر الطريق...حتى لا أراها..لقد أصابتني أمراض عدة لأني حزينة جداً على فقدان أرضي..فأنا أبكي عليها..كما تبكي أم على ولدها الشهيد.."

القصة الثالثة هي قصة سيدة ،قام أخوتها الثلاثة بتزوير أوراق الإرث حتى يسيطروا على حقها ويدعوا أن أباهم باعهم الأرض،هي سيدة متزوجة منذ 35 عاماً،وقد تضرر منزلها نتيجة قذائف اسرائيلية،وهي غير قادرة على إصلاحه.
هذه السيدة رفعت قضية ضد إخوتها في المحكمة ،وقد طلبوا منها أن تتنازل،ولكنها تقول أنهم لو أعطوها حقها منذ البداية لما كانت اضطرت لرفع هذه القضية ضدهم.
وتتمنى أن تعود لها أرضها،حتى تتمكن من تضمينها وإصلاح بيتها.

أما الحالة الرابعة والأخيرة التي يعرضها الفيلم،فهي حالة لسيدتين مسنتين،حرمهم أقاربهم من الزواج حتى يتمكنوا من السيطرة على الإرث بسهولة.
وتذكر السيدتين بتحسر أن أقاربهم كانوا يعترضوا كل من كان يتقدم لخطبتهما مدعين رغبتهم في تزويج السيدتين لأبناءهم،واستمر الحال على ذلك حتى كبرت الفتيات ولم يتزوجهم أحد.
وبعدها قام الأقارب ببيع الأراضي والاستيلاء على الأموال.
تنظر إحدى السيدتين في المرآة متحسرة على ضياع الشباب وعلى الفقر الذي يخيم عليها،بالرغم من وجود أملاك وأراضي كثيرة كان من المفترض أن تحميها من الفقر.

هذه القصص الأربعة ليست سوى أمثلة بسيطة تتكرر بشكل كبير في مجتمعنا،إنها النماذج المصغرة لزوجات الشهداء اللواتي يحرمن من حقوقهن ومن اطفالهن في كثير من الأحيان،كوسيلة للمساومة،وفي أحيان أخرى يجبرن على الزواج من إخوة أزواجهن،حتى يتمكن من البقاء مع أطفالهن،والحفاظ على مصدر رزقهن.
أو نماذج مصغرة للسيدات اللواتي يسرقهن أخوتهن وأقاربهن في عقر ديارهن،بعد أن كان من المفترض أن يكون هؤلاء هم السند وقت الشدة.
أو نماذج للسيدات اللواتي يحرمن من الزواج حتى لا يخرج الارث عن إطار العائلة،ويبقى باستطاعة ذكور العائلة أن يتصرفوا بالاملاك كما يشاؤون،دون أدنى إحترام لإنسانية هؤلاء السيدات ورغباتهن.

من حق هؤلاء النساء أن تكون حياتهم أفضل ومن حقهن أن يجدوا من المجتمع والقانون المساندة للحصول على حقوقهن،وأن لا تموت هذه السيدات ومازالت قضاياهن في أروقة المحاكم يتجذبها هذا وذاك...
ختام هذه القصص يكمن في جملة واحدة:لن يأخذ أيٌ منهم على قبره أي شيء من هذه الأموال وهذه الأملاك،لكن الحق لا يضيع أبداً.

*نشرت في مجلة هدف
*الصورة مأخوذة من الفيلم

شرف البنت عود كبريت وشرف الشاب ولاّعة*


بقلم:لنا حجازي

عندما نسمع أن فتاة قُتلت على خلفية إقامتها علاقة مع أحد الشبان غالباً ما نردد عبارة:"الله لا يردها"...في المقابل لا يخطر في بالنا أن نسأل ماذا حدث للشاب الذي هو طرف مهم من هذه العلاقة...
على الجانب الآخر هناك العديد من القصص التي لا نسمع عنها والتي يحاول فيها الأهالي مداراة الفضيحة وتزويج الفتاة من الشاب ..واحياناً تتم الأمور بهذه الطريقة وفي أحيان أخرى يرفض الشاب الارتباط بالفتاة بدعوى أنها سلّمت نفسها له اليوم وغداً تسلم نفسها لشخص آخر..!
أما هو فلا شيء يدل على انه مر بعلاقة من قبل وبامكانه أن يتزوج من أحسن فتاة في المدينة...
لكن هل هذا صحيح؟
وهل هكذا علمنا ديننا؟
الاسلام أمر بقتل الزانية إن كانت متزوجة،لكن إن لم تكن كذلك فتجلد،ومثل ذلك يفعل بالرجل وإن كان الستر أولى.
فلماذا تركنا هذا وراءنا وأول ما نفكر به هو قتل الفتاة،ولماذا نترك الشاب حر طليق ينعم بحياته ويفعل ما يشاء،حتى لو كان يشكل خطراً على فتيات أخريات؟
في الحقيقة أنا لست مع عبارة"الله لا يردها" ولست مع الخوف من الفضيحة أمام البشر وترك ما أمر به الله...
والسؤال الذي يخطر ببالي الآن هو:"لماذا نفعل ذلك؟"ولماذا يرتبط مفهوم الشرف بالفتاة دون الشاب؟
الجواب بسيط:وهو أن هناك خلل جسيم في هذا المجتمع الذي يجد في نفسه العدالة لمعاقبة النساء دون الرجال وإن اشتركا في نفس الجرم،حتى في القانون هناك ازدواجية في الحكم على ما يسمى"قضايا الشرف"،حيث يستفيد الشاب الذي يقتل أخته على خلفية الشرف من حكم مخفف بينما إن رأت الفتاة أخاها في وضع مخل وقتلته فحكمها الإعدام..!
أحاول هنا أن أصرخ في اذن مجتمعنا عله يصحو من سباته ويتوقف عن التفاخر بالاعتزاز النسبي بشرفه المرتبط بالنساء دون الرجال،فلو كان هناك خبر يقول "فتاه تقتل شقيقها" لغسل عار العائلة،غالباً ما سيصنّف هذا الخبر ضمن الأخبار الطريفة،أو سيصبح فكرة ملهمة للمسلسلات والقفشات الكوميدية.
أقترح أن نراجع أنفسنا جيداً وأن نقرأ ملياً في ديننا،وأن نعي أننا في مجتمعنا مازلنا نؤيد الأقوى على حساب الأضعف ونكيل بمكيالين،لست أدعو لترك النساء لعمل ما يحلو لهن دون حساب أو عقاب وبنفس الوقت أرى أننا يجب أن نحاسب الرجال بحيث يتحملون عواقب أفعالهم.

*نشرت في مجلة هدف

أوجاع على الطائرة


بقلم :لنا حجازي

لم يكن يخطر ببالي أن كل هذه الأوجاع ستراودني لمجرد أني حجزت طائرة تتوقف في الأردن لساعات قبل أن تستكمل مسيرتها.
كان مزعجاً لي أني لم أتمكن من إيجاد طائرة تأخذني إلى وجهتي مباشرة دون توقف،ولكن بمجرد أن صعدت الطائرة الأردنية منطلقة من القاهرة بعد رحلة مضنية على معبر رفح،بدأت أفكر"أنا ذاهبة الآن إلى الأردن وسأنتظر لمدة11 ساعة قبل إنطلاق طائرتي مرة أخرى،ألا أستطيع الذهاب إلى الضفة لزيارة أهلى ورؤيتهم ولو لساعة".

ولأني كنت أعرف الجواب مسبقاً بدأت في الهلوسة...
الراكب الجالس بجانبي كان ذو سلطة ما،كما بدا عليه خلال حديثه،لم أتوانَ في إخباره أني لم أرى أهلى منذ ثلاث سنوات وها أنا مقبلة على الرابعة،وهم الآن في الضفة على بعد خطوات مني...كنت أتمنى أن يخبرني أنه يستطيع المساعدة أو أي شيء من هذا القبيل..لكن الشيء الوحيد الذي قاله:"كان يجدر بهم القدوم إلى الأردن لرؤيتك".

انتهت قصتي الحزينة مع هذا الراكب بمجرد نزولي من الطائرة،ولكن المصادفة أبت إلا أن تذكرني بمأساتي،فموظفي المطار الأردني حجزوا جواز سفري عندما علموا اني من غزة وأخبروني أنهم سيسلموه لي في الصباح الباكر عند موعد إقلاع الطائرة..فكرت قليلاً:"لمَ يفعلون ذلك؟".وكان الجواب حتى لا أفكر بالذهاب إلى الجسر وأحاول الدخول إلى الضفة،أليس كذلك؟"

وعند ذهابي لفندق المطار كان العلم الأردني يرفرف بالخارج..هنيئاً للأردن عَلَمها،ولكن لماذا يشبه علمهم العلم الفلسطيني لهذا الحد...تخيلت أني يوماً ما سأتمكن من رؤية علمي يرفرف فوق مطار فلسطيني حر،لا تحده المخاوف من كل الاتجاهات ولا يتعرض للتدمير كما حدث مع مطار غزة الذي أصبح أثراً بعد عين.

عندما جاء موعد إقلاع الطائرة في الصباح كانت المفاجأة التي أجبرتني على البكاء،كان خط سير الطائرة يمر من فوق فلسطين،رأيت نهر الأردن ورأيت ساحل فلسطين الشمالي،وحقدت على الغيوم التي حرمتني رؤية ما تبقى..
واسم غزة -المحرومة من الطائرات المدنية والمفعمة بالطيران العسكري في سماءها- كان هناك على شاشة الطائرة ليس بعيداً عن خط الرحلة..