Monday, 20 February 2012
الاحتلال هو أسوأ كوابيس العنف ضد المرأة*
تقرير:لنا حجازي
الحرب هي أكثر الأشكال الصارخة للعنف،وهي تتغلب على كل شيء آخر في فظاعتها،والآثار السلبية التي تتركها على المجتمعات فيما بعد.
"بعيون النساء" هو تقرير من 68 صفحة من انتاج المركز الفلسطيني لحقوق الانسان 2009وهو يتحدث عن عدد من النساء اللاتي تأثرن بعملية الرصاص المصبوب التي نفذتها قوات الاحتلال الاسرائيلي ضد قطاع غزة في أوآخر عام 2008.
الأمر الذي لفت انتباهي لهذا التقرير وجعلني أكتب عنه هو أن العديد من نساء غزة مازلن يعشن مرحلة الحرب ولم يخرجن منها بعد،حيث مازالت صديقتي"سهاد" ترتجف وتصرخ حين تسمع أي صوت يشبه القصف،ومازالت "ميساء" غير سويه عقلياً بعد كل ما رأته في الحرب، وصديقتي"أميرة" مازالت تذكر الأوقات التي كانت تختبيء فيها باكية في الحمام من شدة خوفها.
تقرير المركز الفلسطيني يتناول 12 قصة لنساء مررن بظروف صعبة خلال الحرب وجميع القصص الواردة في التقرير هي قصص مؤلمة جداً.
ف"وفاء الرضيع"من سكان بيت لاهيا تعرضت لقصف مباشر من قبل طائرات الاستطلاع وهي حامل في شهرها التاسع مما كلفها بتر ساقها اليمنى،و قد ظن لأطباء أكثر من مرة أن وفاء قد فارقت الحياة بسبب جراحها العديدة،وقاموا بعملية ولادة قيصرية لها،وقد تمكنت وفاء من رؤية طفلها لأول مرة بعد شهرين من ولادته بسبب نقلها للعلاج في مصر.
على الطرف الآخر من مدينة غزة وتحديداً في منطقة الشعف فقدت"هالة الهباش" ابنتها شذا ذات العشرة أعوام بينما بترت ساقي ابنتها الأخرى.
لم تعد حياة هالة كما كانت ابداً واصبح يصعب عليها الشعور بالفرح،وتجد صعوبة في الصعود إلى سطح المنزل حيث قصفت طائرة استطلاع اطفالها الذين كانوا يلعبون على السطح بعد ان ضجروا من البقاء داخل المنزل طوال أيام الحرب.
لم يكن حظ "ريا وماجدة أبو حجاج"بأوفر من غيرهما،فقد فقد خرجت ماجدة برفقة أمها ريا و25 شخصاً آخرين من عائلة أبو حجاج بعد اشتداد سوء الوضع في منطقة جحر الديك،كانت ماجدة ترفع راية بيضاء،لكن ذلك لم يعني شيئاً لجنود الاحتلال الذين أطلقوا النار على المجموعة فسقطت كل من ريا وماجدة بعد اصابتهما،حاول أفراد العائلة الآخرين الوصول إلى الجثتين لكن ذلك لم يكن ممكناً،ولم يتوقف عدوان الاحتلال على هذين السيدتين حتى بعد موتهما،فقد تركت جثتيهما في المكان الذي قتلتا فيه،ولم يسمح الاحتلال لأحد باخذ الجثث لمدة 11 يوماً بالرغم من محاولة أفراد العائلة الآخرين التنسيق مع الصليب الأحمر لذلك،لكن دون جدوى.
وجدت جثة ماجدة وقد قسمت من النصف وسحق الجزء السفلي منها بسبب عمليات التجريف التي مرت من فوقها.
تحلم "انتصار حمودة"بالانجاب ثانية بعد أن فقدت الطفل الوحيد الذي استطاعت انجابه بعد أعوام طويلة من عدم الانجاب،حيث فقدت انتصار خلال الحرب ابنها "فارس" وابن زوجها"محمد" واصيبت باصابات خطيرة.
كان هذا هو الزواج الثاني لانتصار التي طُلقت من قبل بسبب عدم قدرتها على الانجاب،كانت تسعى لمدة 21 عاماً لانجاب طفل،،وكانت تربي أولاد زوجها على أنهم أولادها،لكن كل ذلك لم يشفع لها عند جنود الأحتلال حيث قتل ابنها فارس"عامان ونصف"بينما كانت تحمله.
لم تقوَ"ليلى العر" على الكلام لمدة شهر بعد الحرب حيث فقدت زوجها وثلاثة من أطفالها وجنينها بالاضافة إلى زوجة ابنها.
لقد رأت ليلى أطفالها وهم قتلى،وحاولت أن تنقذ جثثهم من التمزق أو التجريف،لكنها اضطرت أن تترك جثثهم وراءها،حين بدأ جنود الاحتلال بتجريف المنزل الذي كانت تحتمي به.
"وفاء عواجة"شاهدت ابنها "ابراهيم" ذو التسعة أعوام و زوجها "كمال" وهما مصابان على الأرض على بعد أمتار قليلة منها،ولم تستطع مساعدتهما،لقد قتل "ابراهيم"فقد كانت أصابته بالرأس،أما "كمال" فقد نجا فيما بعد..
كانت العائلة تخلد للنوم حين بدأ جيش الأحتلال بهدم الجدران المجاورة،وتمكنت العائلة بصعوبة من الفرار حيث سقطت جدران المنزل حولهم.
كانت صباح أبو حليمة تظن أنها أسعد أمرأة في العالم قبل عملية الرصاص المصبوب التي قلبت حياتها رأساً على عقب،فحتى حين وقت كتابة التقرير كانت صباح تخشى من النوم وتشعر بالفزع من المنزل.
فلقد فقدت ابنتها وابنائها وزوجها،حين هاجمت قوات الأحتلال منطقة العطاطرة غرب بيت لاهيا مستخدمة القذائف التقليدية وقذائف الفسفور الأبيض،حيث اصيب العديد من أفراد العائلة بحروق بالغة،و "صباح"رأت قذيفة الفسفور التي قطعت رأس زوجها على الفور،،وسمعت صوت أفراد عائلتها وهم يصرخون ألماً من الاحتراق بالفسفور ثم ينطقون الشهادة،واعتقدت صباح أنها إن لم تمت من النار فستموت من الدخان ،ولكنها نجت لتصارع آلآم فقدهم،وذكريات اللحظات الأخيرة.
قتلت 118إمرأة خلال عملية الرصاص المصبوب،واصيبت825 إمرأة أخرى بجراح،لكن الآثار النفسية التي تعاني منها النساء في قطاع غزة جراء الحجم الضخم من احداث العنف التي مرت عليهن لا يمكن حصره،فقد كانت أصوات القذائف وسماع الأخبار وحدهما كافيان لخلق الرعب في قلوب القوارير...
* الصور مأخوذة عن تقرير بعيون النساء للمركز الفلسطين لحقوق الانسان2009.
* نشر هذا التقرير في مجلة هدف
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment